SEGA: عرافة عالم الألعاب الفيديو

"سيجا استبقت الزمن"

يذرف محبي منصة دريمكاست (Dreamcast) وعشاق ألعاب سيجا
(SEGA) الدموع عند استذكار أمجاد الشركة العريقة ومنتجاتها وألعابها
الكلاسيكية المميزة. نحاول من خلال هذا المقال الخاص تسليط الضوء
على ما قدمته الشركة من منتجات رائعة لم ترى بعضها النور. ولا تزال
الشركة سابقة لزمنها بما قدمته من منتجات صورية ومدهشة في تلك
الفترة.



التلفزيون في منصة الألعاب


تقدمت نينتندو (Nintendo) في مجال المنصات المتنقلة بمنصتها
الشهيرة جيم بوي (Gameboy)، لكن ما قدمته سيجا بمنتجها المنافس
قدم ما لم تقدمه نينتندو في منصتها وهي الشاشة الملونة. ناهيك عن
خاصية التلفزيون، نعم تلفزيون متنقل!

قدمت قبل حوالي 18 عاماً ما تقدمه منصة Xbox 360 من دعم لخدمة
(Netflix) لعرض البرامج التلفزيونية والأفلام، وهي تقنية لم تقدم في أي
منصة متنقلة الا خلال العام الماضي مع منصة نينتندو 3DS. وعلينا
التنويه لاختلاف آلية عمل Netflix عن تقنية التلفزيون العادي، ناهيك عن
عملها بصورة حصرية في الولايات المتحدة فقط. في الجهة المقابلة
قدمت منصة Game Gear من سيجا مشفراً للتلفزيون وخاصية ادخال
الصوت والصورة من أي وسيط مثل جهاز الساتالايت أو الفيديو أومشغل
MP3. للأسف أثرت عمر البطارية القصير جداً في كفاءة المنصة ورواجها
أمام منصة نينتيندو.



منصة منزلية عند التنقل


استطاعت سيجا التفوق على نينتندو التي لم تستطع نقل ألعاب منصة
جيم بوي الى منصة سوبر نينتندو الثابتة عن طريق عكس العملية. حيث
قدمت منصة سيجا نوماد (Nomad) المتنقلة التي استطاعت تشغيل
ألعاب المنصة المنزلية الثابتة سيجا ميجا درايف (Mega Drive). وللأسف
عانت المنصة من عمر البطارية المخيب للآمال والذي لم يتجاوز
الساعتين فقط.

بصورة نظرية بحتة، قدمت منصة نوماد التي لم تحظى بالنجاح الباهر ما
طرحته منصة بلايستايشن فيتا (Playstation Vita) الحديثة منذ حوالي
16 عاماً. حاولت سيجا ايضاً تقديم تقنيات ثورية وجديدة في منصات
تجريبية لم ترى النور، مثل منصتها المتنقلة التي احتوت على شاشة
تعمل باللمس في التسعينات، والتي شطبت لارتفاع سعر الشاشات
في ذلك الوقت.



قوة الذاكرة


في أوائل التسعينات قدمت سيجا ما لم تقدمه أي شركة ألعاب فيديو
بقدراتها على حفظ الألعاب. وهي خاصية انتقلت من منصة ميجا
سي دي (Mega CD) الى ساترن (Saturn) قبل أن تلتف عليها في منصة
دريمكاست في 1998. حيث الشركة هذه الخاصية في منصة
دريمكاست لنقل جزء من اللعبة لوحدة التحكم والاستمتاع ببعض
الخاصيات المحدودة الغير معهودة. مثل اعادة المباريات ورفع النتائج.




الحركة الفعلية


من الغريب أن نتجاهل وجه الشبه بين وحدة التحكم كينيكت (Kinect) و
فيديو سيجا التالي. ولا يمكن أن تغيب جملة "أنت وحدة التحكم" التي
تسوق بها مايكروسوف وحدتها الجديدة عند النظر لما قدمته سيجا في
التسعينات مع وحدة التحكم أكتيفايتور (Activator)، وهي الوحدة الأولى
التي تعمل بحركة الجسم.






لم تستطع سيجا تحقيق مستوى النجاح الذي حضت به وحدة كينيكت و
نينتدو ويي (Wii)، لكنها كانت الأولى لتطبيق هذه الآلية وبأسبقية تزيد
عن 10 سنوات.

لم تتوقف سيجا عند هذه المرحلة، وكانت الأولى التي تقدم سنارة
للصيد قبل سنارة ويي بسنوات عديدة. وقدمت وحدة التحكم الفريدة
آلية لمحاكاة عمل السنارة الطبيعية بقدراتها على التقاط الحركة الأفقية
والعمودية. دعمت الوحدة أيضاً لعبة Soul Caliber بصورة غير متوقعة.
تخيل نفسك تحارب السيوف بسنارة!!



طرحت سيجا مجموعة أخرى من وحدات التحكم مثل آلات الايقاع
المستخدمة لموسيقى السامبا مع لعبة Samba de Amigo. ولم تأتي
هذه التقنية مجدداً الا مع لعبة Latin Pop في منصة ويي بعد 8 سنوات.



لم تتوقف سيجا عند هذا الحد، وأطلقت لعبة غريبة أسمتها Seaman.
وهي عبارة عن لعبة محاكاة لحيوان أليف هو عبارة عن سمكة بوجه
انسان وبصوت نجم ستار تريك (Star Trek) الشهير Leonard Nimoy.
أتاحت اللعبة خاصية الاحدث مع الحيوان البشع والتعامل معه ومع سوء
أخلاقه. حتمت اللعبة على مستخدميها متابعة الحيوان بصورة يومية أو
المجازفة بحياته عند الانشغال عنه لفترة طويلة. مجدداً، مع بشاعة
Seaman قدم الحيوان ما قدمته لعبة Nnintendogs مؤخراً وبأسلوب
ظريف.



اكتشاف عالم الانترنيت


بدأت سيجا أول خطوات تقاطع ألعاب الفيديو مع عالم الانترنيت بما
قدمته من عتاد ومكونات ألعاب. كما يبين الفيديو التالي:

في العام 1990، قدمت سيجا خدمة الشبكة التي تألفت من وحدة ميجا
موديم (MegaModem) وشريط Game Toshokan أو مكتبة الألعاب في
اليابان. تتيح وحدة ميجا موديم خاصية توصيل منصة ميجا درايف لشبكة
الانترنيت وتحميل الألعاب عن طريق شبكة الانترنيت بسعر 800 ين
شهرياً فقط (حوالي 10 دولار). لسوء الحظ لم تتوفر في مكتبة الألعاب
الا 17 لعبة فقط وكان سعر الشريط Game Toshokan مرتفعاً جداً وبلغ
12800 ين (حوالي 160 دولار). وهو ما أدى لعدم طرح النسخة الأمريكية
من ميجا موديم في الولايات المتحدة والمسماة تيلي جينيسيس (Tele-
Genesis).

في شهر ديسمبر من العام 1994، دشنت سيجا قناتها الخاصة مع
شركتي Time Warner Cable و TCI. والتي قدمت من خلالها 50 لعبة
شهرياً عند الطلب، ومجموعة من الألعاب التجريبية (ديمو) والمحتويات
الحصرية بتكلفة مبدأيه تبلغ 25 دولار ورسوم شهرية تبلغ حوالي 15
دولار.




قدمت الخدمة الألعاب والمحتويات لحوالي 250,000 مشترك عبر
الأسلاك المحورية (Coaxial Cable)، واتاحت تحميل الألعاب مباشرة
للذاكرة العشوائية المتوفرة في منصة ميجا درايف التي تمسح ما عليها
تلقائياً عند اغلاق المنصة. حصلت خدمة سيجا على جائزة أفضل
التقنيات الحديثة من مجلة Popular Science العريقة واستمرت بالعمل
لغاية 31 يوليو 1998. اضطرت شركات الكايبل لتحسين جودة الكابلات
المستخدمة وهو ما عزز من آلية الانتقال لشبكة الانترنيت عالية
السرعة في الولايات المتحدة لاحقاً.



استمرت سيجا في استكشاف عالم الانترنيت مجدداً مع تقنية Netlink
وهي عبارة عن وحدة موديم بسرعة 28.8 كيلوبيت في الثانية لمنصة
سيجا ساترن. أتاح NetLink آلية لتصفح شبكة الانرتنيت عبر وحدة
التحكم الاعتيادية وقدم دعماً للوحة المفاتيح والفأرة للراغبين بذلك.
دعمت 5 ألعاب هذه التقنية بتفعيل آلية اللعب الجماعي هي Virtual On
و Rally Championship و Saturn Bomberman و
Duke Nukem 3D و Daytona USA CCE.


قدمت سيجا في منصتها اللاحقة والأخيرة دريمكاست دعماً للعب
الجماعي بصورة أساسية، وكانت المنصة الأولى التي تقدم هذا الدعم
بصورة مدمجة. واستعرضت الشركة قوتها بلعبة Sonic Team’s ChuChu
Rocket!التي طرحت مع المنصة مجاناً. ألحقت سيجا هذه التقنية
بخدمة SegaNet التي قدمت ألعاباً شيقة وقوية بدعم آلية اللعب
الجماعي مثل Quake III Arena و NFL 2001 و NBA 2001 و لعبة
Phantasy Star Online التي تعتبر أول ألعاب اللعب الجماعي الكثيفة أو
(MMO) والتي لا تحتفظ بمحبيها حتى هذه اللحظة.



خطت مايكروسوفت على خطوات SegaNet وأعادت نفس الأخطاء
باطلاقها خدمة Xbox Live في 15 نوفمبر 2002 أي بعد عام من
اطلاق منصة Xbox. ولم تتوفر أي لعبة تستحق التقدير الا بعد عامين آخرين
وهي Halo 3. من جهة أخرى، أعلنت مايكروسوفت عن تقديم اصدارة
مخفضة من منصة Xbox 360 بسعر 99 دولار فقط ومع اشتراك شهري
لمدة سنتين.، وهو ما قامت به سيجا عند اطلاقها لنسخة مجانية من
منصة دريمكاست لمن يشترك بخدمة SegaNet لمدة عامين.



ضريبة الابتكار


من السهل النظر لأسلوب تفكير الشركات المنافسة لسيجا وحجم
التضحيات التي قدمتها لضمان نجاح ما تقدمه. مثل استخدام جيم بوي
لشاشة غير ملونة لإطالة عمر البطارية واستغناء سوني عن الذاكرة
الداخلية لتخفيض أسعار منصاتها وتقديم بطاقات التخزين بسعر مرتفع
للمستخدمين. لم تستوعب سيجا الدرس وحرصت علة تقديم التقنيات
الثورية مهما كان الثمن وواجهت استراتيجية نينتندو التي تعتمد
استخدام مكونات قديمة نسبياً وأقل كلفة. ولو بقت سيجا في الصراعات
لغيرت عالم الألعاب بصورة أكثر جنون وبأسلوب غير متوقع.






انفقت سيجا مبالغاً طائلة في مجال البحوث والتطوير وقدمت ثلاث
منصات هي ميجا سي دي و 32X و ساترن في حوالي ثلاث سنوات
فقط ولم تستطع الحفاظ على شقة المستخدم والتقدم بصورة حثيثة
ترسخ مكانتها العريقة. وأدت هذه الاخفاقات الممزوجة بالجنون والابتكار
لخروج الشركة من عالم المنصات والعتاد في 31 يناير 2001 والتركيز على
الألعاب بصورة حصرية، متناسية كل ما قدمته من تقنيات وأفكار تستخدم
حالياً في منصات الألعاب الحديثة.

تحيتي
*REXTIN